((بلاغ)) هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ((بلاغ))

الاثنين، ديسمبر 12، 2011

الاسلام المُتـّهَمْ


متّهمون !! وتهمتنا حبُّ الله !!
في كلِّ مرّة يجري فيها النّقاش عن الإسلام بطريقة كيل الاتهامات وتعليق مخلّفات سلوكيّات بعض "المتديّنين" على أستاره الطاهرة، أجدني أندفع للدفاع عنه بحماسة وغيظ وكأنّه نصيب من ميراث أبي، أو كأنّ الله قد نصّبني محامٍ عن دينه!! في وسط سكوتٍ غامر ولامُبالاة غريبة ممّن هم أبناء هذا الدين وبناته وورثة التضحيات العظيمة التي دُفعت أثمانها من دماء أكمل النّاس وأتقى النّاس وأعظم النّاس...
ليس الغريب طريقة النقد التي اتـّخذها البعض تجاه مفاهيم الإسلام من خلال اقتناص الحالات السلبيّة التي يعيشها بعض "المتديّنون"، هذه الطريقة أصبحت مألوفة للغاية، لقد أصبح شائعاً أن ترمي الإسلام - فكراً وفلسفة وعقيدة - بجُنحِ المسلمين، وأن تُسقط المنظومة الاخلاقيّة برمّتها من خلال استحضار الشخصيّات والأمثلة الفاشلة التي تنتمي إلى الإسلام من خلال هويّة الأحوال المدنيّة فحسب!!

كلُّ ذلك ليس غريباً البتّة.. فهذه الطريقة الضوضائيّة في النقد هي الوحيدة التي استطاعت أن تعرقل حركة الفكر الإسلامي بعد أن سقطت المنظومة الإشتراكيّة الأكثر الشراسة في عدائها للفلسفة الإلهيّة والإسلام بشكل خاص.. بالطبع إنّ ذلك المنهج الضوضائي لم يحد من اتساع الفكر الإسلامي ولكنّه ساهم بشكل واضح في تشويه صورته، ووضع النماذج السيّئة للمسلمين كواجهة تعريفيّة لهذا الفكر...
كما قلت سابقاً لستُ أستغرب ذلك فلقد اعتدنا عليه، ولكنّني أندهش اليوم من ظاهرة عُقوق المسلمين لإسلامهم، وعدم اكتراثهم لرؤيته يتلقـّى سيل الاتهامات والأحكام الجائرة، إن شباب المسلمين الذين يمثّلون أعلى مستوى اندفاع لأفكار الإسلام ومناهجه، تجدهم اليوم أكثر الفئات تخاذلاً وانهزاماً وعقوقاً للإسلام، حتى "المُتديّن" كما يُسمّيه النّاس هو لا يعي الفكر الإسلامي ولا يفهمه بصيغته الشموليّة التي جاء بها (بأنّه منظومة حياتيّة مُتكاملة - إجتماعيّة، إقتصاديّة، وسياسيّة..- تُنظّم شؤون الحياة كافـّة) بل يعيش الإسلام من خلال طقوس العبادة والأدعية والأحراز والنذورات فقط، وبالتأكيد فإنّ حالة (الدَروَشة) من هذا النوع لا تمثّل الإسلام المشروع الإلهي لرقي الإنسان وتكامله، بل تعبّر عن فهم جزئي ناقص لهذا المشروع وآفاقه، وعادة ما يُتّهم الدين بالرجعيّة من خلال هذه الأمثلة، حتى أُطلقت الكلمة المشهورة (الدين أفيون الشعوب).. وهي كلمة لا قيمة لها عندما تُعرض على الإسلام (دولة محمّد وخلافة علي وثورة الحسين) فأين السكون وأين الإنزواء في إسلامٍ من هذا النوع!!

في النهاية نحن أمام فهمين مختلفين للدين وللإسلام؛ أحدهما فهم ساذج يعتنقه البسطاء من النّاس مفاده العبارة المشهورة (الدين لله) وشعاره الحكمة الموروثة (موسى بدينه وعيسى بدينه).. في المقابل هنالك فهم عميق لهذا المشروع التكاملي يعتنقه المفكّرون والقادة الإسلاميّون، يستقونه من كتاب الله العزيز الجليل، شعارهم الآية المباركة { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } .. "ليقوم النّاس بالقسط" هذا هو المبدأ، هذه هي الغاية، وكلُّ التعاليم العباديّة تصبُّ في هذه الغاية، بل لا قيمة لها إن لم تفعل..
أخيراً هي دعوة لشباب الإسلام وشابّاته؛ بـِرُّوا الإسلام كما تبروا آبائكم، اصرفوا الجهد والاهتمام والوقت لدراسته، لفهمه، لعيش آفاقه وغاياته، ونصّبوا أنفسكم مُحامين عنه، فمن العيب أن يبقى الإسلام مُتـّهماً ونحن لا نُبالي..

1 لمسات طيّبـة:

هناء يقول...

مسألة إسقاط التطبيق على النّظرية لا تنمّ إلا عن الجهل بحقيقة الإسلام وجوهره، وعن التّعصُّبِ أو النّقمة التي تمنع "النّاقد" _إن صحّت تسميته بناقد_ من إدراك الفرق الجليّ بينهما..
نعم كثيراً ما كان الدّين أفيوناً للشعوب عندما شَغلَ الحُكّام النّاس منه بالقشور دون اللّباب، فغفِلوا عن التحدّيات والمسؤوليّات واعتكفوا في بيوتهم ومساجدهم بينما أوطانهم و مقدّساتهم وثقافاتهم تستباح بلا حسيبٍ أو رقيب..

إرسال تعليق