((بلاغ)) هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ((بلاغ))

السبت، أبريل 09، 2011

شهيد الأمـّة والشباب



كلمة ألقيتها في محفل تأبيني للإمام المرجع والمفكـّر الإسلامي الكبير الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه)
في ذكرى استشهاده الموافقة لتأريخ 9/4/2010



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رضا بقضاء الله
والصلاة والسلام على سيد الموجودات وفخر الكائنات أبي القاسم محمد
وعلى آله الأطهار وصحبه المنتجبين الأخيار وعلماء أمّته الذين مزجوا حبر الفكر بحبر الوريد...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

 أبا جعفر من أين أبدأ وفي كل عضو من شخصك ميدان حديث, أبا جعفر من أين لي أن أتحدث وكل الكلمات العظيمة مستهلكة أمام شموخك, يا من عانقت الشهادة عناق المقبلين عليها بكل شوق وثقة وكبرياء, يا من درجت في سوح الفكر والجهاد تحمل عبء الرسالة لتقف جلدا أمام الطغاة, لم يكن في قلبك موضع للخشية سوى من ربك, ولا جرم في ذلك فأنت ابن محمد ابن عبد الله ( والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه ), علمتنا الكثير من إيحاءات السماء في المدرسة الإسلامية لتبلغ بنا غاية الفكر, وشيدت لنا معالم جديدة لأطروحة الإسلام, وعشنا معك أن الإسلام يقود حياة, فصغت لنا اقتصادنا وفلسفتنا في الحياة, لنتخرج من المدرسة القرآنية ونحن نعي تنوع الأدوار ووحدة الهدف ...
أبا جعفر كيف أحكيك وأنت مدرسة فكر وجهاد عظيمة, أبا جعفر كيف أحوي سيرتك في كلمات قصار ودقائق قصيرة.
الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (قدّس سرّه) لم يكن شخصاً يعيش نفسه ويعيش مفردات حياته اليومية كإنسان عادي, الشهيد الصدر كان أمّة, عندما أيقظ الأمّة من سباتها العميق وبثّ فيها روح العطاء للرسالة والتضحية لقيم الإسلام ولمشروع عدالة الإسلام. مع الرسالة والأمّة ينمو عنوان الشهيد الصدر لم يكن ينفصل عنهما حتى ندرسه كشخص أو كفرد في سفر التأريخ, فلذلك فإن الشهيد الصدر هو شهيد الرسالىة وهو شهيد الأمة, فعلينا عندما نقرأه أن نقرأ سيرته نقرأ الرسالة فيه وأن نعي واجباتنا كأمّة مما ترك لنا الشهيد من قناديل في دروب الفكر والشهادة, وهو يعالج في الأمة مرض الضعف وحس الهزيمة هزيمة النفس وهزيمة الوجدان وهزيمة الضمير وهزيمة الإرادة...
وهكذا عاش الشهيد ومازال يعيش معنا فنحن نعلم أن الشهداء لا يموتون, عاش ويعيش في وجدان الأمّة كقوة وثورة وانطلاقة في خط تحويل أخلاقية الهزيمة إلى أخلاقية الإرادة, لتنمو معها آمال محمد وعلي في إسلام يقود الحياة.
من كلماته من عباراته من أنّاته وحنينه نلمس قلبه الكبير وإرادته الصلبة في تغيير واقع الخنوع والهزيمة إلى واقع الانتصار والقدرة, وهو بهذا المنهج التغييري والإصلاحي الكبير يتبع سبيل جدّه الحسين (عليه السلام) فهو الثائر الذي يلج ميادين الثورة (ولا أقول ميدان) فهو ثورة فكر وثورة عاطفة وثورة دم وثورة عطاء للأجيال القادمة.
يا أبا جعفر أنت ثورة إنسان وإنسان الثورة
لأَنَّكَ قُوَّهْ
لأَنَّكَ ثَوْرَهْ
لأَنَّك سِرُّ انْطِلاقةِ أُمَّهْ
سَتَبْقَى لنا
سَتَحْيَا لنا
وَتَبْقَى حَيَاتُكَ في الدَّرْبِ قُوَّهْ
وَتُحْيِيْ نَجَاواكَ في الرُّوْحِ جُذْوَهْ
وَتَمْتَدُّ ثَوْرَهْ
وَفِي الفَجْرِ يُشْرِقُ رُوْحٌ جَديدْ
وفي الشَّمْسِ سَوفَ يَذُوبُ الجَليدْ
وَيَهْوي الظَّلامْ
وَتَنْهَارُ كلُّ جبالِ الظَّلامْ
لأنَّك قُوَّةْ
لأنَّكَ ثَوْرَةْ
أَرَادوكَ أَنْ تَنْحَنيْ لِلرِّيَاحْ
وأَنْ تُسْلِمَ الحَقَّ في كُلَّ سَاحْ
وأَنْ تُسْكِتَ الصَّيْحَةَ الهَادِرَةْ
وَتَسْتَسْلمَ القوّةُ الصَّابِرَةْ
وأَنْ تَتَمَنَّى عليهمْ سَلاماً
ذَليلاً لدى الطُّغْمَةِ الفَاجِرَةْ
لِيَبْقى لَهُمْ مَجْدُهُمْ شَامِخَاً
على رَغْمِ أُمَّتِنَا القَادِرَةْ
وَلَكِنَّ رُوحاً تُثيرُ الذُّرَى
وَتَدْفَعُ للشمسِ افاقَهَا
أَثَارتْ على خُطُوَاتِ الطَّريقِ
على اسْمِ الشَّهادةِ أشْوَاقَهَا
لِتُوحيْ لنا في انطلاقِ الجِهَادِ
هُنَا.. أَنْ نَثُورْ
ليبقى لنا أَنْ نَمُدَّ الجسورْ
إِلى اللَّهِ في صَيْحَةٍ حُرَّةٍ
تثيرُ الحياةَ بوحيِ العبورْ
وأَنْتَ تُشيرُ إِلينا
وأَنْتَ تَمُدُّ إِلينا
يَدَاً خَضَّبَتْها الدِّمَاءْ
يَدَاً كَتَبَتْ فِكْرَهَا بالدِّمَاءْ
لِتُشْرِقَ فينا حُروفُ الضِّيَاءْ

كان للشهيد الصدر وقفة بل وقفات تأمل واختيار عندما اهتم بالشباب الجامعي المثقف في الوقت الذي كان يعم الجهل بالإسلام نتيجة الإقصاء المتعمد ومحاربة التوجه الديني لدى الناس, فاستطاع من خلال التوعية الشعبية ومن خلال كتبه الثائرة أن يصنع مقاومة فاعلة لمشاريع طمر ثقافة الإسلام الأصيل ثقافة أباة الضيم التي حمل مشعلها الإمام الحسين (عليه السلام) وهكذا فقد ربّى الشهيد (رضوان الله عليه) جيلا شابا متحمسا ومندفعا لمفاهيم الإسلام ومستعدا للشهادة في سبيل رفعة الإسلام وعلو كلمته على كلمة الشيطان.
مع الشباب كان الشهيد الصدر الأبرز في احتضانهم وفي استثمار طاقاتهم الكبيرة باتجاه القضيّة وباتجاه الرسالة, فسارت مواكب الطلبة الجامعيين مواكب للشهداء والاستشهاديين على طريقة ( لو كان اصبعي بعثيا لقطعته ).
وأخيرا أختم من حيث بدأت مع الشهيد الصدر الذي كان يعيش الإسلام بكله فليس هنالك مساحة لمحمد باقر في نفس محمد باقر كل كيانه كان مشبعا بالإسلام وقضاياه ومستقبله وعزة ورفعة كلمته, وهو في كلمته العظيمة ( صحتي لا قيمة لها .. صحتي لا قيمة لها ) يصفع الأمّة ليوقضها على حقيقة أن الإسلام هو المهم أن الرسالة هي ما يجب أن نسأل عنها وعن صحة سيرنا في سبيلها...
مع الشهيد الصدر نجدد العهد في هذا الموعد الخالد في ضمير الأمّة, لنقول له على ذات المنهج صحتنا, أنفسنا, أولادنا, أموالنا, كل ما يتعلق بنا في هذه الدنيا الفانية لا قيمة لها مع الرسالة ومع همّ الإسلام الحبيب الذي نتعهده ليعيش مشروعه عزيزا رفيعا عاليا شامخا فوق المستكبرين, بسواعد الشباب الفتية وإرادة العزة التي غرستها فينا, سنكون أوفياء لك وللرسالة يا شهيد الأمة...
فالسلام عليك يوم ولدت فولدنا معك ويوم استشهدت فحيينا في استشهادك ويوم تبعث حياً فنبعث معك ونحشر معك إن شاء الله...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
التاسع من نيسان 2010م
23/ربيع الآخر/1431هـ


3 لمسات طيّبـة:

غير معرف يقول...

سلمت يداك سيدي العزيز

حسين الصفار يقول...

أحسنتم وحشرنا الله وإياكم مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا

بـلاغ الحسـيني يقول...

أشكر مروركم العطر أخوتي الأعزّاء..

إرسال تعليق